جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
235364 مشاهدة
الحرمة المؤقتة بسبب الزنى

والزانية على الزاني وغيره، حتى تتوب.


قوله: (والزانية على الزاني وغيره، حتى تتوب):
يعني: تحرم عليه لقوله تعالى: وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ النور: 3 .
وقد اختلف في هذه الآية فقالوا: كيف جعل المشرك ينكحها وهي مسلمة، وجعل الزاني ينكح المشركة ؛ فالمفسرون قالوا: لعل الأقرب أنه ما دام مصرًّا على الزنى، أو مصرَّة على الزنى، فإن المسلم يتعفف عنها لئلا تدخل عليه أولادًا من غيره، وكذلك المرأة إذا عرفت أن هذا الزوج زانٍ متظاهر بالزنى فإنها تتعفف عنه، ولا تقبله إلا زانية مثله أو مشركة مثله، لأن المشركة لا فرق عندها بين الحلال والحرام.
فمعنى الآية: أن الزاني لا يقبله إلا امرأة مثله زانية، أو امرأة مشركة، وكذلك الزانية لا يقبلها إلا من هو زانٍ مستمر على الزنى، أو لا يقبلها إلا مشرك؛ لأنه لا يبالي إذا زنت وأدخلت عليه أولادًا.
والحاصل: أنه إذا كانت زانية مجاهرة بالزنى فحرام على المسلم أن يتزوجها؛ لأنها قد تدخل عليه أولادًا من غيره، فإذا تابت وصحت توبتها، فإنها تحل للمسلم العفيف.

واختلف: كيف تعرف توبتها؟؛فقال بعضهم: أن تراود فتمتنع، كأن يأتيها واحد من أهل العفاف في خلوتها ويراودها، فإذا امتنعت عرفت بذلك توبتها، ولكن الصحيح أن هذا لا يجوز أن يخلو بها أجنبي ولا يراودها حتى ولو كان عفيفًا؛ لأن الشيطان قد يقرب بينهما؛ فلا يجوز أن يراودها أحد، ولكن تعرف توبتها ويعرف صلاحها ببعدها عن الزنى وبعدها عن أماكن الزنى، وأنها رشدت وصلحت حالها؛ فإذا عرف ذلك منها جاز للعفيف أن يتزوجها.